بقلم/ فرج ابراهيم عمرو
انقضى العام 2009 الذي كان عاماً مليئاً بالأحداث العالمية، التي تعد مفصلية و جوهرية فدخل الرجل الأسود إلى البيت الأبيض الذي كان حكراً على البيض وخاصة الأنجلوسكسون، وإنهارت الأسواق العالمية المالية بسبب السياسات الرأسمالية، فطارت مئات الترليونات من الأموال العالمية، وحرقت " إسرائيل " غزه بالقنابل الفسفورية أمام كل العالم و منظماته الدولية الإنسانية وغير الإنسانية. كل هذه الأحداث هي أحداث كبيرة حدثت في العام الذي مضى. لكن الحدث الأبرز والأكثر غرابة هو قيام مصر ببناء جدار فولاذي بينها وبين غزة من أجل قطع آخر شريان يتنفس منه أهلنا في فلسطين، فقد نتفهمم أن المجتمع الأمريكي أصبح مجتمعا ديموقراطيا، وطرق التفكير فيه إختلفت بعد مرور أكثر من مائتان وثلاثون سنه على تأسيس الولايات المتحدة الأمريكية، والشعب الأمريكي صار لايمانع بإنتخاب رجل ذو جذور وملامح أفريقية لكي يجلس على سدة الحكم في البيت الأبيض، ونُرجع الانهيار المفاجئ للأسواق المالية العالمية للسياسات المالية والإدارية الخاطئة التي كانت متبعة من قبل المؤسسات المالية وخاصة في إقتصاديات الدول الكبرى، ونضع تدمير إسرائيل لغزة مطلع العام الماضي في إطار السياسية و الثقافة الأسرائيلية المبنية على القتل و الإبادة الجماعية ونستشهد على ذلك بالجرائم التي إرتكبتها خلال أكثر من نصف قرن ، ونستوعب صمت المجتمع الدولي ومؤسساته في إطار الإنحياز الكامل لإسرائيل وإزدواجية المعايير في هذا المجتمع ومؤسساته المبنية أساساً على الظلم ، ونرد ذلك إلى خلل الموجود في مواثيقها المكتوبة بلغة المنتصر وليس بلغة الحق والعدالة . لكننا لم ولن نستطيع أن نفهم ونستوعب الأسباب و الدوافع و المصالح التي دفعت النظام المصري على الإقدام بإتخاذ قراره ببناء جدار فولاذي صمم في أمريكا على حدوده مع غزة، بكل تأكيد أن بناء مثل هذا الجدار سوف يزيد من معاناة الشعب الفلسطيني داخل غزة، وسوف يقطع عنهم قطرات الغذاء والدواء التي تصلهم بين الحين و الآخر عبر الحدود مع مصر ، ويضعف من أدوات المقاومة لدى الفلسطينيين، ولكنه بكل تأكيد لن يقتل روح المقاومة لدى الشعب الفلسطيني، بل إن الأرتدادت السلبية من بناء هذا الجدار سوف تكون على مصر أكثر من غزة ، فهو يضع مصر شريكة في العدوان على غزة ،بل حليف لأسرائيل ضد إخواتها الفلسطينين ، وسياسياً سوف تفقد مصر آخر ورقة سياسية لها في المنطقة ، بعد أن فقدت أو سلمت الكثير من الأوراق السياسيه لصالح دولاً أخرى، فتراجع الدور المصري من دور الريادة والقيادة إلى دور الدولة المتممة لمراسم المؤتمرات والمصالحات و الإتفاقيات . هذه حقيقة يجب على أخوتنا في مختلف شرائح المجتمع المصري أن ينتبهوا لذلك، فمصر اليوم لا تشبه مصر الأمس إلا في الأسم ، فمصر التي كانت تقود حركات التحرر وتوجه سياسات دول المنطقة ،ولايدخل الآخرين للمنطقة، إلا من بوابتها لم تعد اليوم قائمة. إن قضية الجدار الفولاذي هي قضية ضد الإنسانية، مخالفة إلى كل الشرائع الإنسانية ، وتنسف كل تاريخ مصر الداعم لقضايا أمتها وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، ومخالفة إلى شريعة الله عز وجل، فقتل الأخوة في الدين لايمكن بأي حال من الأحوال أن يكون حلالاً ، إلا في كتاب مفتي البلاط أو القرآن الذي كتبته الدوائر الصهيونية في أمريكا ويرد له إن يكون بديلا عن قرآن الله، وهو أيضاً يضع علامات من الشك والريبة في الدور الذي يلعبه النظام الرسمي في مصر ضد قوى المقاومة في المنطقة ويضع جملة من التساؤلات عن دور مصر المستقبلي من قضايا أمتها وفي مقدمتها القضية الفلسطينية .
نأمل أن يتم إيقاف بناء هذا الجدار العازل الذي لن يعزل إلا مصر وشعب مصر عن أمته، وإن الشعب الفلسطيني في غزة سوف يقاوم الاحتلال وأعوان الاحتلال بكل الوسائل المتاحة لديه مهما كان علو وعمق الجدار الفولاذي ، ومهما زادت سياسات البطش والهمجية على يد الاحتلال، وسوف يبتكر الفلسطينيين وسائل جديدة للمقاومة ، لأنهم خلقوا من أجل أن يقاوموا الإستكبار العالمي وظلم الدولي ، ومن أجل يكشفوا للعالم زيف المعايير المتبعه في المنظمات الدولية والقصور في مواثيقها ، ولكي يعلموا الآخرين أساليب المقاومة وحب الوطن .
http://www.alwatan-libya.com/default.asp?mode=more&NewsID=8016&catID=22
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق