الجمعة، 27 أغسطس 2010

أنقذوا.. طرابلس من ليبيا.. وليبيا من طرابلس









بقلم / فرج إبراهيم عمرو


ازدحام بشري..إختناقات مرورية..سلطة مركزية.. تكدس المؤسسات العامة..أمواج بشرية تزحف على رقعة جغرافية محدودة المساحة والإمكانيات . هذه العبارات يمكنها أن تكون أفضل وصف لما يحدث في مدينة أو شعبية طرابلس " أويا " والتي شهدت خلال العشرين سنه الماضية نزوح أعداد كبيرة من البشر إليها وهذا النزوح أثر سلبا عليها وأحدث بها تغيير جذري فشعبية طرابلس التي تبلغ مساحتها 400 كم يقطنها " 1.682.000" نسمة وهذا الرقم يعني أن أكثر من خمس سكان ليبيا البالغ عدهم "5.657.692 " نسمة حسب إحصائية2006 م . يعيشون في العاصمة هذا غير الناس الذين يترددون على طرابلس بشكل يومي من أجل قضاء بعض الأعمال أو الذين يسكنون في المدن القريبة ومقار عملهم بطرابلس .
ومن خلال الإطلاع على الإحصائيات المنشورة على شبكة المعلومات الدولية أتضح لنا جليا أنه هناك خلل في التوزيع الديمغرافي بين المدن الليبية ، فالأرقام تقول أن الكثافة السكانية في طرابلس عالية جداً فكل2207.32 مواطن لهم كيلو متر مربع داخل شعبية طرابلس، في حين نجد ثاني أكبر مدينة في ليبيا وهي بنغازي يتمتع فيها كل 33.8 مواطن بكيلو متر مربع ، وتنخفض هذه النسبة في عاصمة الجنوب سبها حيث تبلغ الكثافة السكانية بها 8.26 نسمة في كل كيلو متر مربع ، وتبلغ الكثافة السكانية بشعبية البطنان 1.72 نسمة في كم، والكثافة السكانية بشعبية سرت 2.01 نسمة كم، وفي شعبية الجفرة تصل إلى 0.38 نسمة كم، وفي حين نجد الكثافة السكانية بشعبية المرقب القريبة من طرابلس تبلغ 109.43 نسمة كم، وفي شعبية الكفرة الكثافة السكانية تكاد معدومة حيث لاتتجاوز 0.11 نسمة في كل كيلو متر مربع، و بالنقاط الخمس الكثافة بها 39.80 نسمة في كل كيلو متر مربع*.
هذا التفاوت الكبير في توزيع السكان بين مدن الجماهيرية له أثار سلبية اجتماعيا وتنمويا و أمنيا على المكان الجذاب و المكان الطارد . لكن السؤال الذي يمكن أن يسأله أي شخص لماذا يزحف الليبيين على طرابلس؟
الإجابة على هذا السؤال تحتاج منا الموضوعية والتمحيص الدقيق في الأسباب التي دفعت الكل يفضل العمل و الاستقرار في طرابلس.
يمكننا أن نرد نزوح الليبيين إلى طرابلس للأسباب التالية :
1- الخدمات : الإنسان بطبعه يبحث دائماً عن أسهل و أقصر الطرق من أجل الحصول على مصدر رزقه ولهذا نجد الناس يسافرون مئات آلاف من الأميال ويعبرون الصحاري و البحار من اجل الظفر بفرص العيش الأسهل والأفضل ، ولذلك تجد الليبيين يفضلون طرابلس لتوفر الخدمات بها بسبب تكدس جميع مؤسسات الدولة الليبية فيها ، هذا الأمر دفع الناس إلى حزم حقائبهم و السفر إلى طرابلس بشكل يكاد أن يكون يومي ، فترى الليبيين يتقاطرون على طرابلس من مختلف أنحاء ليبيا من جنوبها وشرقها وغربها ووسطها لقضاء أشغالهم ، ومن أجل البحث عن أرزاقهم ولهذا أصبح الجميع يفكرون في الاستقرار بطرابلس نظراً لظروف عملهم الجديد. ومن ملاحظ أن أغلب الشركات و التشاركيات المحلية التي تأسست في المدن الأخرى قامت بفتح مكاتب لها بطرابلس ومنها من قام بنقل نشاطه بالكامل إلى طرابلس وهذا يعود إلى مركزية الإجراءات الإدارية وتمركز مؤسسات الدولة في العاصمة . نعلم كما يعلم الجميع أن طرابلس هي العاصمة، و لكن من أجل أن يكون التوزيع الديمغرافي ، متوازن إلى حد ما ، لابد من توزيع الخدمات بين كل المدن ، حتى لايحدث نزوح من المدن الأخرى وتكدس الشعب في رقعة جغرافية ضيقة .
2- السياسة التنموية غير المتوازنة : هناك تركيز واضح على مدينة طرابلس وما حولها وخاصة في المشاريع الإستراتيجية وهذا لا يعني أن البناء في بقية المدن معدوم ولكنه بدرجة أقل ، هذا التركيز قاد وسوف يقود إلى المزيد من النزوح نحو طرابلس لأنها تشكل منطقة جذب أكثر من بقية المدن الأخرى.
أن هذه السياسة التنموية غير المتوازنة تركت جملة من الآثار السلبية على مدينة طرابلس أهمها مايلي :
1- الزحف على الحزام الأخضر: بسبب حاجة الوافدين الجدد للسكن تم خلال العشرين سنه الماضية الاعتداء على الحزام الأخضر الذي كان يلف طرابلس وتم تحويله بشكل عشوائي إلى مخططات سكنية، وهذا السلوك له أثر بيئي سّلبي على المدينة ، كما أن البناء العشوائي أيضاً له تأثيرات سلبية على البنية التحتية ومستوى الخدمات التي تقدمها المدينة أو الشعيبة للمواطنين**
2- التغير الديمغرافي : أن النزوح السكاني غير المدروس و المنظم في العادة ينتج سلوكيات وعادات تؤثر سلبا على قيم وعادات المجتمع.
3- تدمير البنية التحتية للمدينة : أدى الازدحام البشري إلى تدمير البنى التحتية للمدينة فالطرقات و المستشفيات و المدارس والحدائق أصبحت تستقبل أعداد أكبر من قددرتها الإستيعابية الأمر الذي أدى إلى أحداث أضرار كبيرة بها وأثر على مستوى الخدمات التي تقدمها للمواطنين . كما أنه هناك آثار سلبية على المدن الأخرى فالانتقال من هذه المدن والاستقرار بطرابلس ترك آثار سلبية على هذه المدن أيضا ، لأن أغلب الذين غادروا هذه المدن هم من أصحاب الحرف و المهن الخدمية التي يحتاج إليها المواطنين بهذه المدن مثل الأطباء والأساتذة و المهندسون
الحلول المقترحة لحل هذه المعظلة
1- إيقاف التوسع العمراني بطرابلس : لابد من إيقاف أي توسع عمراني جديد بطرابلس ، وبدلاً من التوسع في بناء المجمعات السكنية يجب إعادة الحزام الأخضر حول مدينة طرابلس من أجل حمايتها بيئياً و المحافظة على جمال المدينة
2- نقل بعض المرافق الخدمية إلى المدن الأخرى : من أجل تشجيع الناس للإستقرار بالمدن الأخرى لابد من نقل بعض المرافق الخدمية من طرابلس إلى المدن الأخرى على سبيل المثال الميناء وبعض الرحلات الجوية الدولية و مقار بعض الشركات و المؤسسات الكبرى مثل المؤسسة الوطنية للنفط والشركة العامة للكهرباء وغيرهما من المؤسسات ، هذه الخطوات سوف تعمل على تقليص سكان طرابلس ، فنقل عمليات التوريد البحري إلى مؤاني المدن الأخرى سوف يؤدي إلى انتقال بعض المقيمين بطرابلس إلى هذه المدن لمتابعة أعمالهم ، كما أن تحويل بعض الرحلات الجوية إلى مطارات الجماهيرية الأخرى يخفف من ازدحام الناس بطرابلس وهذا الأمر ممكن و خاصة أن أغلب مدن الجماهيرية بها مطارات ويمكن ربطها ببعضها البعض من خلال رحلات جوية داخلية يكون وقتها متزامن مع مواعيد الرحلات الدولية من أجل تسهيل عملية الانتقال المسافرين.
3- إقامة مشاريع تنموية وخدمية في الدواخل يمكننا من خلال خلق مشاريع تنموية خاصه بمدن الدواخل من إعادة توطين الناس بهذه المدن ، ومن أجل تشجيع الناس على الإستقرار بهذه المدن يجب بناء مؤسسات خدمية لكي تقدم الخدمات الضرورية التي يحتاجها المواطن بشكل يومي.
4-منح الحوافز تشجيعية لابد من إقرار حزمه من الحوافزالتشجيعية لكل من يقوم بالانتقال للاستقرار بالدواخل مثل منحه علاوة استقرار و سكن .. الخ.
5-بناء شبكة مواصلات عامة لابد من إنشاء شبكة مواصلات عامة تكون أسعارها مناسبة تربط جميع مناطق الجماهيرية ببعضها البعض، من أجل تسهيل عمليه التنقل بين الدواخل و المدن الرئيسية، لأن الكثير من الأشخاص تركوا الإقامة بالدواخل بسبب صعوبة الانتقال من مكان إقامتهم إلى مقار عملهم.
هذه الخطوات ضرورية ومُلحة من أجل حماية طرابلس من النمو السكاني غير الطبيعي، وكذلك من أجل حماية بقية مدن الجماهيرية من الفراغ السكاني، ومن أجل الحفاظ على توازن التوزيع السكاني للدولة حتى لاتحدث فراغات و إنتقالات تؤثر على إستقرار البلاد الإجتماعي و الأمني ومن اجل منع هيمنة أي مدينة أو شعبية على بقية المدن والشعبيات الأخرى.
وختاماً نقول كما قال الأمام الشافعي :
إن رأينا صواب يحتمل الخطاء ورأي غيرنا خطاء يحتمل الصواب ، ومن أتانا بأفضل من رأينا أخذنا به .
www.farajsalim.blogspot.com
ــــــــــــ
* هذه الأرقام منشورة على موقع ويكبيديا الإلكتروني ، ولمعرفة المزيد من المعلومات عن توزيع السكان في ليبيا تصفح الموقع المذكور ar.
Wikipedia.com
** شعبية: هي تقسيم إداري يساوي أو يوازي التقسيم الإداري البلديات و المعمول به في العديد من الدول



------


http://www.alwatan-libya.com/more.asp?ThisID=11641&ThisCat=22&writerid={WriterID}





http://pulpit.alwatanvoice.com/articles/2010/08/26/207998.html

الخميس، 19 أغسطس 2010

في الذكرى الأولى للإفراج عن عبد الباسط المقرحي




بقلم : فرج إبراهيم عمرو



تعتبر قضية لوكر بي واحدة من أعقد القضايا السياسية التي شهدها القرن العشرين بسبب تعقيداتها القانونية والسياسية، لهذا أطلق عليها أهل السياسة والقانون الدولي قضية القرن ،وبسبب هذه التعقيدات دخلت ليبيا مع الدول الغربية في نزاع محتدم أخذ وقتاً من الزمن بين شد وجذب، واستطاعت الدول الغربية من خلال هيمنتها على الأمم المتحدة أن تصدر قرارات دولية فرض بموجبها حصار على ليبيا ترك أثر واضح على جميع مناحي الحياة في ليبيا، وأدرك صانع القرار السياسي الليبي أن الظرف الدولي في غاية الصعوبة بعد انهيار المنظومة الدولية السابقة واستفراد أمريكا وحلفائها بالقرار الدولي، ولذلك تعاملت مع هذا المعطى بشكل عقلاني فجاء ردها على تلك الإجراءات متزن مما جنب البلاد ويلات الحرب والدمار وحافظ على سيادة الدولة وكرامتها وحاولت ليبيا استخدام كل الأوراق المتاحة من أجل حل هذا النزاع بشكل يحفظ ماء الوجه، وبسبب عدم وجود اتصالات المباشرة بين ليبيا و أمريكا في ذلك الوقت و صعوبة النزاع وتعقيداته سعت إلى الوساطة الدولية في حل النزاع فدخلت مصر وتونس وغيرهم على خط التوسط وتقريب وجهات النظر بين الأطراف المتخاصمة ، وراحت دوائر السياسة الخارجية الليبية برعاية وإشراف مباشر من الأخ القائد تبحث عن جهات أخرى يمكنها أن تلعب دور أكبر في حلحلة القضية ، وخاصة بعد تلكؤ العرب في اتخاذ موقف صريح يدعم الموقف الليبي، وهنا تم التركيز على القارة الأفريقية والتي لم تتأخر فجاء موقفها مؤيد لليبيا في قمة وقادقوا ، حيث قال الأفارقة في تلك القمة التاريخية، إذا لم يتم تسوية القضية بشكل منصف لجميع الأطراف وأخذ المطالب والمصالح الليبية بعين الاعتبار، فإنهم في حل من هذا الحصار ، كما أن الدبلوماسية الأفريقية متمثلة في المناضل نيسون مانديلا والدبلوماسية السعودية متمثلة في الأمير بندر بن سلطان قامت بمساعي حثيثة انتهت إلي التوصل لاتفاق بإنشاء محكمة خاصة، قضت بالسجن على المواطن الليبي عبد الباسط المقرحي مدى الحياة والذي كان يحمل صفة المتهم الثاني والذي كانت صحيفة اتهامه مبنية على مساعدة المتهم الأول له ( الأمين أفحيمه )الذي برئته المحكمة ، وإعلان القائد منذ اليوم الأول لصدور الحكم وتحديدا في حفل استقبال أفحيمه، أن عبد الباسط سوف يعود إلي أرض الوطن لأنه غير مذنب ، ومنذ ذلك التاريخ وهو يقود مقود المفاوضات والمباحثات ويوجهها من أجل أن يعود عبد الباسط حراً طليقاً .
وتوجت هذه الجهود بعودة عبد الباسط إلى أرض الوطن في 20/8/2009 ، والحق يقال أن الإفراج عن عبد الباسط من السجن إنجاز سياسي بكل المقاييس يضاف إلى رصيد الإنجازات الكبيرة في السياسية الخارجية الليبية مثل الاعتذار الإيطالي في زمن الاحتلال والرضوخ السويسري الأوروبي في قضية الدبلوماسي الليبي،و كل هذه الإنجازات يرجع فيها الفضل إلى إصرار وحنكة القائد في إدارة دفة المفاوضات .
وكل من ساهم في تسوية هذه الملفات عمل تحت إشراف وتوجيه ومتابعة ومراقبة الأخ القائد وتلقى الدعم المعنوي والمادي والسياسي والفكري من كارزمة قائد الثورة القيادية ، ولابد أن يكون الكتٌاب والإعلاميين على درجة من المصادقيه والإقرار بأن إخراج عبد الباسط المقرحي من السجن هو إنجاز بكل المقاييس السياسية. وأن تجاهلوا ذلك في برامجهم ومقالاتهم فإن هذا التجاهل لا ينقص من قيمة هذا الإنجاز بقدر ما ينقص من مصادقتيهم المهنية .

http://www.alwatan-libya.com/more.asp?ThisID=11454&ThisCat=22&writerid={WriterID}

http://pulpit.alwatanvoice.com/articles/2010/08/18/207379.html

الاثنين، 9 أغسطس 2010

ثـــــ3ــــلاثـــــــة









بقلم / فرج إبراهيم عمرو


ثلاثة أشياء تعلمتها من أبي رحمه الله
الصدق مع ذات ...
قول الحق...
الأمانة...
***********
ثلاثة أشياء تعلمتها من المدرسة

حب مطالعة الكتب...
وأداء الواجب ...
والنهوض باكرا..ً.
***************
ثلاثة أشياء تعلمتها من قريتي

إكرام الضيف ...
مد يد العون للمحتاج ...
واحترام الآخر...
**************
ثلاثة أشياء تعلمتها من أخي رحمه الله
الجرأه ...
الاعتماد على الذات ...
والتجلد عند الشدائد ...
********************
ثلاثة أشياء تعلمتها من الصداقة

لا صداقة تدوم ...
لا تقل أخطاء الآخرين ...
لا تعتمد إلا على نفسك ...
*****************
ثلاثة أشياء تعلمتها من السفر

لا تدع غيرك يرتب لك حقيبة سفرك ...
لا تضع كل ما تحمله في ذات الجيب ...
لن تندم إذا كررت تفقد جواز سفرك وتذكرة السفر ...
********************
ثلاثة أشياء تعلمتها من عمي رحمة الله
لا مستحيل مع الإرادة...
القلب المبصر أقوى من العيون التي ترى ...
الحياة لحظة تفائل لا يجب ان يغزوها اليأس ...
***********************
ثلاثة أشياء تعلمتها من الغربة
لا تنفق كل ما في يدك وتنتظر ما تأتي به شمس الغد...
لا تترك هاتفك النقال بدون رصيد...
لا تسرف في العزلة فإنك في حاجة الآخرين كما هم في حاجة إليك ...
****************************
ثلاثة أشياء تعلمتها من الوظيفة

لا تبوح بكل ما تعلم ...
دوّن كل ما تريد عمله ...
أحتفظ بنسخة مما أنجزته ...
5/ 08 / 2010
Nicosia

الثلاثاء، 3 أغسطس 2010

الجامعة العربية ... فاقد الشيء لا يعطيه




بقلم/ فرج إبراهيم عمرو


ما أكثر المشاكل التي تعصف بهذه الأمة والتي تحتاج إلى قمم و اجتماعات متواصلة ومتصلة بين العرب وجامعتهم فغزة منذ تدميرها في نهاية 2008 وحتى تاريخ كتابة هذه الأسطر تعاني الدمار و الحصار لاإنساني الذي حولها إلى أكبر سجن مفتوح في العالم، والمسجد الأقصى ومدينة القدس و كنائس المهد بها تتعرض إلى خطر التهويد والتغيير من أجل تزوير هويتها التاريخية ، و الشعب الفلسطيني المهجر يعاني الشتات و العراء و الجوع على حدود الدول العربية والذين لا تستقبلهم إلا البرازيل و النرويج و السويد وقبرص وبقية بلاد أهل" الكفر" وسوريا و لبنان تحت التهديد و الوعيد المستمر بالدمار و القتل و فتيل الفتنة الداخلية بين طوائف لبنان قد يشتعل في أي لحظة بمثقاب المحكمة الدولية، والأراضي السورية المحتلة أصبحت بعيدة المنال بالمفاوضات بعد قرار الحكومة الإسرائيلية الأخير الذي يشترط إجراء استفتاء عام من أجل تفاوض عليها ، والعراق قصة تراجيدية بدأت فصولها منذ أكثر من عشرين سنه، ولكنها تزداد تعثراً بسبب الأحتلال وتزمت بعض القوى السياسية في التسليم بنتائج الانتخابات مما زاد من مآسي هذا البلد ، والصومال تنحره الصراعات الداخلية و التدخلات الأجنبية ، والسودان بين شرعية كامبو و خطر التقسيم ، ناهيك عن القضايا الموروثة والمزمنة و التي لم نعد نسمع أنها مدرجة على بند جداول أعمال الأمة فالأراضي المغربية المحتلة، ولواء إسكندرونه، و الجزر الإماراتية، و الجزر السعودية، و المشاكل الحدودية بين الجزائر و المغرب وقضية الصحراء التي تاهت في صحراء الصراعات القطرية كلها سقطت من جداول إعمال القمم العربية . ورغم كل هذه القضايا المعقدة و الحساسة و التي تحتاج إلى اجتماعات طارئة وقرارات حاسمة . إلا أن جامعة العرب و من خلال وزراء الخارجية و اللجنة المتابعة العربية يجتمعون من أجل إعطاء الضوء الأخضر للمفاوضات المباشرة مع "إسرائيل" التي لم تقدم أي دليل على أنها جانحة للسلم و ترغب في إيجاد حل سلمي لصراعها مع العرب، بل على العكس تماما فهي كل يوم تعلن أنها سوف تمضي قُدماً في سياسات التهويد و الحصار و التدمير واجتثاث الفلسطينيين من أرضهم، وتلوح بالحرب على كل من سوريا و لبنان ، وتحارب مصر مائياً و تحتل شمال العراق استخباراتيا .

إن إصرار الجامعة العربية على إضفاء الشرعية على المفاوضات يفرض على أي متابع جملة من التساؤلات حول غايات الجامعة العربية في الإصرار على التفاوض ،ولماذا اهتمامها فقط بهذا الموضوع دون غيره ؟ ولماذا لا تجتمع من أجل باقي قضايا الساعة الموجودة في مختلف الدول العربية ؟ فالأزمة العراقية القائمة الآن بين القوى السياسية تحتاج إلى تدخل الجامعة العربية من أجل أنقاض ما يمكن أنقاضه ، والصراع في الصومال أيضاً بحاجة إلى تدخل عاجل من الجامعة العربية ، وما يحدث في القدس وغزة أهم من البدء في التفاوض مع " إسرائيل" فمن خلال هذا الأداء للجامعة العربية.
يمكننا القول أن الجامعة أصبحت خاضعة لإرادة تيار عربي معين يريد استغلال المظلة العربية لتنفيذ رؤيته، أو أنها تعاني من قصور كبير في تعاطيها مع الشؤون العربية وترتيبها على أجندة عملها.
نعتقد أن شرعنة المفاوضات عربياً هو قرار خاطئ، و لا يخدم المصالح الفلسطينية ، بل على العكس تماماً يجعل إسرائيل أكثر إصرار على الاستمرار في سياستها العدوانية اتجاه الشعب الفلسطيني بشكل خاص و القضايا العربية بشكل عام ، كما أن اللجنة المتابعة العربية لا تملك الصلاحية الكاملة لاتخاذ قرار بهذا المستوى وإن اتخاذ قرار الموافقة على التفاوض المباشر من قبل اللجنة المتابعة العربية يعطى مؤشراً على أن القضية الفلسطينية لم تعد في صلب اهتمام القادة و الزعماء العرب .

ختاماً إن الجامعة العربية التي مر على وجودها أكثر من 65 سنة دخلت بحكم القانون الوظيفي سن التقاعد الإجباري ، وبذلك لا تمتلك الشرعية التي تخول لها تبني مواقف لها انعكاسات وتداعيات خطيرة على الأمة ومصير القضية الفلسطينية ، فالجامعة محتاجة إلى تطوير ذاتها من أجل أن تمتلك الشرعية الضرورية لاتخاذ مثل هذه القرارات المصيرية.