بقلم فرج ابراهيم
بسم الله الرحمن الرحيم
“ من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا"
صدق الله العظيم
على امتداد التاريخ هناك رجال يصنعون الأحداث، ويفرضون أنفسهم وأرائهم ومبادئهم، ويستشهدون من أجلها، وترخص أرواحهم إمام المبادئ و الأفكار التي يعتنقونها ويؤمنون بها.. ولهؤلاء الرجال حياتان الأولى يصنعون فيها الأحداث، والأخرى تبقى منهج للأجيال القادمة ومفخرة إلى كل الشرفاء، ومن بين هؤلاء الرجال الذين صدقوا القول والعمل، وآمنوا بالوطن وقومية المعركة المجاهد محمد المجدوب الذي سجل خلال سيرة حياته العطرة دروسا في الجهاد، والشجاعة، والتضحية، ورسم عبّر في التجلد والوفاء، وسوف تبقى هذه الشمائل التي تركها عظة وموعظة ومثال يقتدى به.
وُلد محمد سعود المجدوب أمحمد في بادية سّرت عام 1951م، ورغم عسّر الحياة و قسوة الظروف التي صاحبت تلك الفترة، إلا إن أبوه أراد لابنه الأكبر أن يلتحق بالمدرسة لكي يأخذ نصيبه من العلم، فترك بيت أبوه والتحق بالمدرسة بمدينة سرت، فدرس هناك المرحلة الإعدادية والثانوية، وبشهادة زملائه في تلك المرحلة تميز محمد سعود المجدوب بدماثة الخلق وأدب الحديث، فكسب احترام أساتذته، وحب أقرانه، وعاش هذا المجاهد كبقية جيله مرحلة المد القومي الذي كان ينبعث من صوت العرب بالقاهرة عبر صوت المذيع المصري المشهور أحمد سعيد. وما كاد ينهي مرحلة تعليمه الثانوية، حتى انبلجت الثورة في ليبيا، فالتحق بها واضعاً نفسه جندياً مخلصاً للثورة وقيادتها، فتوجه في شهر أبريل من العام 1971م. إلى الكلية العسكرية، والتي تخرج منها والتحق بقوات الصاعقة، وكان التدريب العسكري بالنسبة له ما هو إلا وسيلة من أجل استرجاع ما سّلب واغتصب بالقوة من الأرض العربية، فكان مؤمن بقومية المعركة قولاً وعملاً فألتحق بقوات الردع العربية التي تشكلت عام 1976م. من أجل الدفاع عن لبنان، فسال دمه الطاهر على أرض لبنان لكي يمتزج مع دم أخوته العرب على إثر أصابه لحقت به أثناء المواجهات مع العدو الصهيوني، وأجريت له عملية جراحية من اجل استئصال الشظايا التي علقت بجسمه، والتي بقيت أجزاء منها في جسمه، وكأنها أرادت أن تكون شاهدا وشافعا له عند ربه يوم الحشر. واستبسل في الدفاع عن مخيمات صبرا وشاتيلا وبرج البراجنة، ولم يدخر جهداً من أجل تعزيز تيار المقاومة العربية، ودعم قضية العرب المركزية القضية الفلسطينية، فتولى رئاسة لجنة دعم صمود الشعب الفلسطيني، وكان المنسق والراعي الأول لحث الشباب العربي بشكل عام و الليبي بشكل خاص في الانخراط من أجل الدفاع عن فلسطين ولبنان. وانطلاقا من إيمانه بأن استمرار المعركة يتطلب خلق جيل مؤمن بقضايا الأمة، وإن دعم صمود الشعب الفلسطيني يتطلب منه ضرورة تذليل الصعاب أمام طلاب العلم قام برعاية ومتابعة شؤون الطلبة الفلسطينيين الدارسين في الوطن العربي وأوروبا، كما كان المجاهد محمد سعود المجدوب يؤمن بأن المعركة مع الأعداء لها ساحات مختلفة، وأن عدونا يركز على تزوير التاريخ وطمس الحقائق التاريخية ،ومن أجل دحض أكاذيب الأعداء والأستفادة من الدروس المستقاة من التاريخ ،التحق بقسم التاريخ بجامعة قاريونس والذي تخرج منه سّنة 1976م. ورغم كل ما عانى من المرض العضال الذي لازمه لأكثر من عشرين سنه، إلا انه لم يكن يكل أو يمل فبِروحه النضالية العالية كان يقاوم علة الجسد وبروح الثائر يعقد الاجتماعات ويرتب الحوارات ويقيم الندوات و المحاضرات ويجسر الهوّة بين الفرقاء في الوطن الصغير والكبير، فنجده اليوم يعقد اجتماعا في ليبيا وغداً يسافر خارج ليبيا لكي يترأس منتدى أو حوار على المستوى القومي فرأى رفاق دربه انه أفضل من يكون أميناً عاماً لملتقى الحوار العربي، وأجدر من يتولى رئاسة لجنة مقاومة الاستسلام والتطبيع، فستحق بذلك وسام المواطن الصالح، ووسام الجهاد، ونوط الواجب، ونوط الخدمة الطويلة والقدوة الحسنة، ونوط الفاتح.ورغم كل الإحباط والأمراض التي نخرت جسد الأمة، والداء الذي سكن جسده لم يترجل عن نهج المقاومة والثورة إلا بقضاء الله وقدره ،فغادرت روحه إلى ربه راضيه بما قدمت ، ساكنه بإذن الله تعالى في جنات الخلد ، وكان ذلك يوم الثلاثاء الموافق الثالث عشر من شهر الربيع "مارس " من العام ألفان وسبعة مسيحي
رحمك الله يا أبا نصر العرب وصلاح الدين وعلى، فالقدوة الحسنة كنت أنت، والمواطن الصالح الغيور على أمته ووطنه أنت مثله وقدوته، وكنت المجاهد المقدام الذي يقدم نفسه رخيصة في سبيل وطنه وقضاياه. فتستحق كل التكريم و التخليد.
http://www.alwatan-libya.com/default.asp?mode=more&NewsID=7848&catID=38
هناك تعليق واحد:
بارك الله فيك يا اخى فرج.
إرسال تعليق