الثلاثاء، 29 ديسمبر 2009

قبل انعقاد القمة العربية بليبيا في مارس القادم



بقلم : فرج إبراهيم عمرو





اتخذت الجامعة العربية في إحدى قممها خلال العقد الأخير من القرن الماضي قرارا يقضي بدورية الانعقاد السنوي والتناوب في الأستضافة بين أعضائها. ووفقا لذلك القرار يصل قطار القمة العربية في مارس 2010م. إلى طرابلس. فسوف تجلس ليبيا على كرسي الرئاسة صباح يوم السابع والعشرين من شهر مارس. وهي رئيسة للإتحاد الأفريقي، ورئيسة للجمعية العامة للأمم المتحدة، وعضو غير دائم بمجلس الأمن، فهي بذلك تجمع بين رئاسة أهم وأعرق ثلاث منظمات دولية هذا من ناحية، ومن ناحية الأخرى تنعقد القمة بالجماهيرية العظمى في مرحلة دقيقة للغاية، فهناك مجموعة من القضايا التي لابد من اتخاذ مواقف صريحة وواضحة حيالها ويمكن إجمال أهم القضايا الرئيسة التي على القمة العربية القادمة أن تتصدى لها بحزم وتتخذ حيالها مواقف جلية في الآتي:


* الوضع الفلسطيني:

تمر القضية الفلسطينية بمرحلة عصيبة على مختلف الأوجه فعلى الصعيد الاحتلال دُمرت غزة منذ عام في حرب قالت عنها جميع المؤسسات الدولية و الإنسانية بأنها حرب أباده. فزادت هذه الحرب من مأساة هذا الشعب والاستيطان في توسع مستمر، والجدران العازلة تحيط بالشعب الفلسطيني من كل جانب فتزيد من شدة الحصار الخانق الذي يعاني منه هذا الشعب. ورغم كل ذلك لم يتخذ العرب موقف واضح و قوي من هذه المعاناة الانسانية والسياسية. إما على صعيد الخلاف الفلسطيني خاصة بين قطبي الساحة الفلسطينية "حماس و فتح" فإن مسار المصالحة متعثر إذ لم نقل متوقف تماماً، فالوساطة المصرية عاجزة عن رأب هذا الصدع الذي أثر على القضية الفلسطينية بشكل عام. وفيما يخص مسار المفاوضات أو"السلام": فأمام التعنت الإسرائيلي والأنحياز العالمي مع إسرائيل. يتوجب على العرب مراجعة موقفهم من هذا الموضوع، وخاصة فيما يتعلق "بمبادرة السلام العربية" التي طرحت في قمة بيروت عام 2001م . ولابد من التخلي عن شعار " السلام الخيار الإستراتيجي و الوحيد " وضرورة سحب هذه المبادرة التي ولدت ميتة ووضع رؤى أخرى مثل الدولة الواحدة، وكذلك عدم إسقاط خيار المقاومة الشعبية من أجل استرجاع حقوق الشعب الفلسطيني . والموضوع الآخر وليس الأخير في الشأن الفلسطيني هو الوضع في القدس وما يتعرض له من حفريات وطمس لهويته التاريخية و الدينية الأمر الذي يستوجب حشد الهمم الإسلامية و العالمية من أجل وقف هذه الأعمال الإسرائيلية. وفي هذا الإطار يمكن دعوة الدول الإسلامية الكبرى مثل ماليزيا ونيجيريا و الباكستان للمشاركة في جلسة خاصة بموضوع القدس، يصدر عنها موقف قوي حيال التصرفات الإسرائيلية.


* تطوير منظومة العمل العربي المشترك
عندما تفتتح القمة القادمة في ليبيا التي حدد لها أن تبدأ يوم السبت الموافق 27 مارس 2010م. يكون عمر الجامعة العربية تجاوز خمسة وستون عاماً وخمسة أيام. في هذه العوام تغير العالم و الآليات العمل به، ومن هنا وجب العمل على تطوير منظمة العمل العربي المشترك بما يتلائم مع متطلبات العصر بحيث تصبح منظومة العمل العربي المشترك أكثر فاعلية وتأثير من أجل التصدي للأوضاع العربية الراهنة والمستقبلية. ونعتقد هنا انه لابد من تشكيل لجنة من المختصين بالشأن العربي من أجل وضع تصور لهذا الموضوع، على أن ترفع هذه اللجنة تصورها إلى القمة القادمة من أجل إقراره والعمل به.
* العلاقات العربية العربية:

رغم الظروف التي يمر بها الوطن العربي والمنطقة والتي تفرض ضرورة التكاتف والتنسيق المشترك من أجل التصدي للأخطار المحدقة بنا، إلا أن العلاقات بين الأنظمة العربية بشكل عام في أسوأ حالتها، والخلافات العربية العربية مستعرة، فالدول المحورية تقاطع بعضها البعض بل تتحارب وإن لم تستخدم السلاح، وهذه العلاقة المتوترة ساهمت سلباً على الحد الأدنى من التنسيق والتضامن العربي. ومن هنا وجب على ليبيا بتعاون مع رئاسة الجامعة العربية العمل منذ الآن على تنقية الأجواء وتهيئة الظروف المناسبة لضمان مشاركة جميع القادة و الملوك العرب في قمة طرابلس القادمة.


* العلاقات العربية و دول الجوار:
العلاقة مع دول الجوار في غاية الأهمية الإستراتيجية ونخص هنا تركيا وإيران، فيما يخص تركيا لابد من استغلال الرغبة التركية بقيادة أردوغان في لعب دور محوري في المنطقة وكذلك التعاطف التركي الرسمي مع القضية الفلسطينية وأيضاً مقابلة الرغبة التركية في تطوير العلاقة مع الدول العربية بروح إيجابية تدفع العلاقات إلى الأمام من أجل تجاوز حالة السكون التي مرت بها العلاقات بين الطرفين خلال السنوات الماضية، فلابد من دعوة رئيس وزراء تركيا للحضور والتحدث في القمة العربية، وينبغي تشكيل لجنة من أجل وضع تصور للعلاقات بين الطرفين، أما فيما يتعلق بالعلاقة مع إيران، لابد من العمل على تأسيس لعلاقة قائمة على حسن الجوار وعدم الانسياق وراء الدوائر التي تريد أن تجعل العلاقة بين العرب و إيران علاقة عدائيه مبنية على الشك وتوجس في نوايا كل طرف، والبحث عن القواسم المشتركة، والعمل على حل القضايا الخلافية عن طريق الحوار المباشر، ولابد من إنشاء مكتب يختص بمتابعة العلاقات مع إيران، كما أن الضرورة تفرض دعوة القيادة الإيرانية لحضور القمة العربية القادمة، وعقد جلسة خاصة للعلاقة بين الطرفين من أجل تقريب وجهات النظر في شؤون المنطقة بشكل عام و القضايا الثنائية بشكل خاص.

* العلاقة العربية الإفريقية
بحكم علاقة ليبيا المتميزة والمؤثرة في القارة الأفريقية، يمكن لليبيا أن تلعب دور مهم في توثيق العلاقة العربية الأفريقية، والتي أصابها نوع من الفتور بسبب الإهمال العربي للدول الأفريقية، الأمر الذي اسُتغل من قبل إسرائيل فعملت على توثيق علاقتها مع بعض الدول المحورية في القارة. وخير دليل على التركيز الإسرائيلي على القارة الأفريقية الزيارة التي قام بها مؤخراً وزير خارجية إسرائيل إلى مجموعة من الدول الأفريقية. ومن هنا وجب أن يكون هناك تصور جديد لهذه العلاقة، وعلى دوائر السياسية الخارجية في ليبيا مع مؤسسة الإتحاد الأفريقي وضع هذا التصور قبل انعقاد القمة العربية القادمة.


* رؤية عربية موحدة من تطوير مؤسسات التنظيم الدولي

تعتبر المنطقة العربية من أكثر المناطق في العالم التي تأذت من قرارات الأمم المتحدة بسبب ازدواجية المعايير والخلل في آليات عملها، ففلسطين سُلبت وقسمت تحت رعاية وشرعنة هذه المنظمة، وتم محاصرة ليبيا وتدمير العراق بالشرعية الدولية، وأجهضت العديد من مشاريع القرارات التي تدعم حقوق العرب بسبب سيطرة الدول الكبرى على المنظمة ومؤسساتها. وبعد خطاب القائد الأخير في جلسة الجمعية العامة " 64 " والذي طالب من خلاله بإصلاح منظمة الأمم المتحدة من أجل أن تواكب التغيرات التي طرأت على النظام الدولي. يتوجب أن يصدر عن القمة العربية القادمة رؤية عربية موحدة للتطوير منظمة الأمم المتحدة، ولا تكفي الأشارة إلى هذا الموضوع في البيان الختامي، بل ضرورة إعداد رؤية متكاملة من قبل الخبراء و المختصين في هذا المجال ويتم تعميمها على كل التنظيمات الدولية والإقليمية الأخرى مثل الإتحاد الأوروبي وتجمع الآسيان وغيرها من التنظيمات الدولية الأخرى.
* وأخيراً وليس أخراً موضوع السّودان. فهذا البلد العربي يتعرض إلى مؤامرة تهدف إلى تقسيمه إلى مجموعة دويلات ينبغي على الأمة العربية اتخاذ موقف حازم وصريح حيال يدعم وحدة السودان. ومن القضايا الأخرى التي يجب أن يتم تعزيزها في القمة العربية القادمة هو خيار المقاومة في استرجاع الحقوق العربية. وأتمنى أن تعطى المقاومة الفلسطينية الفرصة للتحدث عن رؤيتها فيما يتعلق بقضية فلسطين.
وأتمنى للقمة العربية القادمة كل النجاح و التوفيق

ليست هناك تعليقات: