بقلم / فرج ابراهيم
" 1"
سرت على طول تاريخها كانت مدينة جامعة للفرقاء موحدة للآراء، فهي التي توحدت فيها جهود وبنادق المجاهدين الليبيين عام 1915م ضد الغزو الإيطالي وهي التي منعت مساعي تقسيم ليبيا من خلال مؤتمر الوفاق الوطني في العشرينات من القرن الماضي، وهي التي أنجبت في عام 1942 م. من كانت الأمة في حاجة إلى وجوده، ومن مهده إلى يومنا هذا وهو يحمل هموم الأمة وأمالها، فلم يدخر جهداً من أجل أن ترقى هذه الأمة إلى مستوى المواجهات و التحديات والأخطار التي تحاك ضدها. سرت هي التي انطلقت منها الصرخة الأولى للاتحاد الأفريقي، ففي ذات القاعة يا أصحاب الفخامة والمعالي دخل الأفارقة يحملون في أيديهم عدة رايات، وخرجوا منها يحملون راية واحدة وهي رأيه الإتحاد الأفريقي.
" 2 "
يا.. صاحب الفخامة والمعالي ليبيا الثورة لم تدخر جهداً في دعم أشقائها في كل المحافل الدولية، وهي تقوم بذلك إيماناً منها بأن هذا هو واجبها نحو الأشقاء، ولبنان كان من أوائل البلدان التي قدمت له ليبيا الثورة الدعم بشتى أشكاله فدماء الليبية امتزجت بتراب لبنان والسلاح الليبي أول من تصدى للاجتياح الإسرائيلي، ولبنان اليوم هو أحوج العرب إلى حضور قمة العرب في مدينة سرت الصمود، فالتهديدات تنهال عليه من كل صوب، وانتهاك السيادة اللبنانية لم يتوقف، بل هو في حالة ازدياد و المخاطر تكبر، ويا صاحب الفخامة أنت ممثل إلى أربعة عشر مليون عربي يحملون هوية لبنان، فالمسؤولية تحتم عليك الحضور الشخصي، وتحتم عليك أن تأخذ بعين الاعتبار مصلحة الأغلبية والوطن، ولا يجوز إن تستمع إلى صوت فئة قليلة تغرد خارج مصلحة الوطن والوطن بالنسبة لها منفعة شخصية.
" 3 "
يا.. صاحب الفخامة كان الختيار رحمه الله، لا يفوت مناسبة، ولا اجتماع ثنائي، أو ثلاثي، أو رباعي، ولا عابر سبيل من اجل أن يعلمهم بقضية شعبة ومعاناته، ولا ينتظر الدعوة فمعاناة شعبه هي التي تدعوه إلى تجشم الإخطار والمشاركة في كل محفل دولي أو إقليمي. ولا هو يهمه من يكون الحاضر أو المدعو أو الغائب، ما يهمه فقط أن يعرض قضية شعبة لكي تكون حاضرة، فحتى عندما عصفت به رياح الصحراء حلم بأنه يصلى في القدس، يا صاحب السعادة لا يوجد إي مبرر أو عذر يعطيك حق اتخاذ قرار الغياب، فالقضية التي تحملها يريد لها الأعداء أن تكون غائبة عن أي محفل دولي، وأنت واجبك يحتم عليك أن تجعلها حاضرة في كل تجمع دولي.
" 4 "
يا..أصحاب الفخامة و المعالي و السعادة و الجلاله أن الوضع الذي تمر به الأمة يفرض عليكم ليس فقط الحضور، بل اتخاذ قرارات مهمة و تاريخية، وسرت هي المكان المناسب لمثل هذه القرارات، والقيادة الليبية التي أعطت دروس في الكبرياء و الكرامة قادرة على تحمل عبء صدور مثل هذه القرارات من تحت أوتاد خيمتها، فالقدس في خطر، ومعاناة الشعب الفلسطيني أصبحت هلوكوست القرن الواحد و العشرين، ولبنان مخترق السيادة، وسوريا تحت التهديد و الوعيد، والعراق تنحر فيه الطائفية والاحتلال، والصومال يعاني الفقر والتدخلات الخارجية، وبلد اللاءات الثلاث يواجهه خطر التقسيم والحرب الأهلية، وغزة وحدها قصة مأساوية تحتاج إلى أكثر من قمة عربية.
يا.. أصحاب الفخامة مستقبل الأمة بين أيديكم، ولذلك نتمنى عليكم،و نتطلع إليكم بعيون أطفال العراق، وفلسطين، وأهل الجولان، والسودان، والصومال، وكل شرفاء هذا الزمان، بأن تكون قراراتكم وحواراتكم في مستوي الوضع الراهن، وفي مستوى الإخطار التي تحيط بنا
وأتمنى لكم التوفيق...وللأمة العربية الشموخ والانتصار