الاثنين، 8 مارس 2010

لو.. كان عندي مرارة.. ما رفعت غرارة




بقلم/ فرج إبراهيم عمرو



المرارة علميا تسمى الحوصلة الصفراوية، وهي عبارة عن كيس عضلي صغير يقع تحت الكبد في المنطقة العليا اليمنى من البطن ذو فتحة واحدة من الأعلى. وتفرز هذه الحوصلة الصفراوية وبشكل مستمر سائل لزج ذو لون ذهبي مائل للاخضرار ، وطعمه مر يسمى بالعصارة الصفراوية، وينتقل هذا السائل عبر الأنبوب (الواصل بين الكبد والأمعاء) للأمعاء ليقوم بدور مهم في هضم وامتصاص المواد الدهنية أثناء وصول الطعام إلى الأمعاء. هذا من الناحية العلمية و قراءنا هذا التعريف في كتاب العلوم في مرحلة التعليم الأساسي


إما تعلمناه من الموروث الاجتماعي الذي نقل لنا عن طريق الأهل أو عن طريق الأمثال الشعبية، فإن المرارة هي الكبرياء، والإحساس، والإنسانية إلى غير ذلك من الصفات الحميدة، التي لابد إن يتصف بها الإنسان، فكثيرا ما نسمع فلان ليس لديه مرارة ، رغم انه لم تجر له عملية جراحية من اجل استئصال المرارة، المقصود هنا إن ذلك الشخص يفتقد للإنسانية والإحساس، و يسلم بأحكام الغير، فلذلك نجد أهلنا يقولون على لسان الإبل ( لو كان في مرارة ما حملت أو رفعت اغرارة ). فلو كانت تمتلك القدرة أو الارادة الكافية لرفضت أوامر الانسان الذي لا تأخذه شفقة و لا رحمة على هذا الحيوان الصابرعلى قسوة البشر، ما كانت ترضى بان تحمل كل هذا الثقل وتقطع به المسافات الطويلة عبر مسارب الصحراء الوعرة معرضه نفسها إلى مهالك الجوع والعطش و الغزو من قبل قطاع الطرق، .


ونسوق لكم هنا حكاية تؤكد ارتباط المرارة لدى أهلنا بالإحساس والكبرياء والغيرة، ففي أحدى قرنا الجميلة حست الحاجة زمزم بألم مبرح مما استدعى نقلها إلى المستشفى العام بالمدنية، وبعد الفحص تبين إن الضرورة الطبية تقضي باستئصال المرارة، وعندما تم إبلاغ الحاجة زمزم بذلك، رفضت بشدة أجراء العملية معلله رفضها هذا بأن الآخرين سوف يعيرونها بأنها بدون مرارة، إي أنها عديمة الإحساس. و من ذلك نستشف إن معنى المرارة عند أهلنا يعني الكرامة، والإنسانية، والنخوة، والكبرياء، فلا يعقل إن يستغيث جارك أو أخوك دون إن تمد له يد المساعدة والعون، و كيف يمكنك إن تشاهد الظلم يقع على جارك أو اهلك وتبقى صامتا متحجج بأعذار لا يقبلها الإنسان الذي ليس لديه مرارة، فما بالك بمن كانت مر ا رته تئن إلى كل جراح الأمة، بل إلى كل مستغيث، ولا يقبل إذا كانت لديك مرارة إن تسمع اهلك يصرخون من عوز الزمان، وطغيان الوحش الإنسان، و تعمل أذن صماء نحو ذلك العويل ، وأخرى طرشاء لا تسمع في نحيب الثكالى، ومعاناة الرضع، فالذي يفعل هذا أو يساعد على هذه الأفعال، لا يمكن إن يحمل بين حناياه مرارة، حتى وان كانت تظهر منتفخة للأعيان من خلال صور الأشعة في مختبرات أرقى المستشفيات العالمية . وبكل تأكيد يوجد هناك خلل ما في هذه الأجهزة وتفتقد إلى الدقة لازمة.


لأن أجهزة رصد وتصوير الحس الإنساني والتي هي أكثر دقة من أجهزة ما صنع العم سام، وأصدقاء العم سام، وأبناء عمومتنا وأشر اعدائنا ، أوضحت لنا مرارا وتكرارا إن المرارة غير موجودة موضحة لنا الأسباب المحتملة لذلك.. وسوف نقوم بنشرها في مقال لاحق
نتمنى السلامة للجميع ... ونتمنى ان تبقى لدى الجميع ولو جزء يسير من المرارة

ليست هناك تعليقات: