الثلاثاء، 18 يناير 2011
ملاحظات من الحج على البعثة الليبية ... والخدمات السعودية
بقلم : فرج إبراهيم عمرو
بحمد الله وفضله قُدر لنا أن نؤدي الركن الخامس من الإسلام ، وقمنا بأدائه بكل يسر،رغم العصي التي أراد البعض أن يضعها في طريق هذه الرحلة الإيمانية، إلا أن الله سخر لنا أن نكون من زوار بيته الحرام، فلا إرادة تعلو على إرادته ونال الذي حاول وضع العصي في دواليب قطار رحلتنا إلى بيت الله الحرام السيئة في الدنيا والآخرة، ونال الأجر والثواب كل من سعى في أن نكون من ضيوف الرحمن لهذا العام،وانطلق بنا قطار الحج من بيروت مع فوج الشركة السعودية اللبنانية، ولابد لنا أن نسجل في هذا المقال شكرنا العميق للعاملين بهذه الشركة على تفانيهم وحرصهم على خدمة حجاج بيت الله الذين اختاروهم ليكونوا دليلهم إلى الأراضي الطاهرة فقدموا لنا مشكورين كل النصح الديني والمساعدة اللازمة وحرصوا على أن نؤدي شعائرنا على أكمل وجه، فاجزهم الله عنا كل خير،وضاعف مسعاهم في خدمة حجاج بيت الله.
و نحن نؤدي مناسك الحج سجلنا جملة من الملاحظات سوف نقسمها إلى شقين:
الشق الأول: يخص حجاج البعثة الليبية، والشق الثاني: يخص الخدمات التي تقدمها السعودية إلى حجاج بيت الله بشكل عام .
§ الشق الأول:- معاناة الليبيين في الأراضي المقدسة
قمنا بزيارة بعض الأصدقاء من الحجاج الليبيين في مقر سكنهم بمكة المكرمة وخلال هذه الزيارة لمسنا وسمعنا عن ظروف الحجيج الليبي، فأي زائر يلاحظ من الوهلة الأولى حالة الفوضى الإدارية والتنظيمية التي يعيشها الحجاج الليبيين، بسبب تقاعس للإداريين والمشرفين والوعاظ مما يخلق حالة فوضى كبيرة تؤثر سلبا وبشكل كبير على الحجاج خلال أدائهم لمناسكهم.
كما أفادنا أحد الحجاج الليبيين لهذا العام عن الظروف غير الملائمة التي عاشها الحجيج الليبي في ( منى ) فالمخيم المخصص لهم يتسع إلى ستة الآف شخص فقط فحين بلغ عدد الحجاج الليبيين لهذا العام حوالي 13 ألف حاج، ناهيك عن كيفية التنقل من ليبيا إلى الأراضي المقدسة فالحاج يقطع مئات الكيلو مترات إلى طرابلس ثم يجلس اكثر من ثمانية ساعات في انتظار الطائرة المتوجهة إلى مكة المكرمة ،إن حالة الفوضى التي تصاحب الحاج من اليوم الأول في هذه الرحلة الإيمانية إلى أخر يوم فيها لها أثار سلبية على الحجاج عند أدائهم الشعائر ، وخاصة أن اغلبهم من كبار السن الذين يحتاجون إلى المساعدة والنصح الديني.
ولنا فيما يخص البعثة الليبية للحج جملة من الاقتراحات لعلها تسهم في رفع الخدمات التي يجب أن تقدم للحجاج وتيسر لهم حجهم في السنوات القادمة وهي ما يلي:-
1- القيمة المالية لأداء الحج:- ما يحصل عليه الحاج الليبي من خدمات لا يوازي المبلغ المدفوع ولابد إن تكون الخدمات في مستوى القيمة المدفوعة فأغلب الحجاج دفعوا هذا العام مبلغ وقدره 5700 دينار ليبي وهناك من دفع 1000 دينار ليبي إضافية، وهذا المبلغ كبير جدا، وإذا دفعته إلى شركة خاصة يقدم لك خدمات أكثر من جيدة جدا وهذا الكلام ليس تخمينا إنما من واقع تجربة شخصية.
2- عملية التنقل إلى ومن الأراضي المقدسة:- لابد من تسهيل عملية تنقل الحجاج من وإلى الأراضي المقدسة،ولا يجوز تكديسهم في مطار معتيقة الدولي ولابد من اتخاذ الإجراءات الضرورية التي تمكن حجاج بيت الله السفر من اقرب مطار إلى مقر سكنهم، وهذا ممكن جدا فأغلب مدن الجماهيرية بها مطارات صالحة للملاحة الجوية وبشي من التنظيم والتنسيق بمتسع من الوقت مع الهيئة العامة للطيران المدني وشركات الخطوط الناقلة نوفر الراحة والوقت للحجاج و نجنبهم الازدحام ومخاطر و مشاق السفر بالبر .
3- أفراد البعثة: - وهذه معضلة كبيرة وتسبب في الكثير من المشاكل التي تعرقل أداء فريضة الحج وتخلق حالة من الفوضى، فالحقيقة أن اغلب الأشخاص الذين يتم اختيارهم للحج ولا أقول كلهم أشخاص غير مهتمين براحة الحجيج، وما أن يصل الحجاج إلى الأراضي المقدسة حتى يجدوا أنفسهم في مواجهة جملة من المشاكل الإدارية والتنظيمية، والتي ما كانوا يتعرضوا لها لو لديهم شخص إداري يقوم على راحتهم ومتفاني في المهمة الدينية والوطنية الموكلة إليه،كما إن الوعاظ والمرشدين يشوب عملهم بعض التقصير،ومن خلال تجربة شخصية فإنه يجب على الجهات المسؤولة أن تختار أشخاص لديهم القدرة والرغبة في خدمة حجاج بيت الله، وأن يكلف كل واعظ بعدد محدد لا يتجاوز المائة شخص يقدم لهم المشورة الدينية ويؤدي بهم المناسك، ولا يجب أن تترك الأمور عائمة وعامة بهذا الشكل الذي قد يؤدي إلى أن يقصر الحاج في أداء مناسكه بدون قصد .
4- تبعية إدارة شؤون الحج:- بما إن فريضة الحج تحتاج إلى إعداد ارغب في القيام بها من خلال دروس خاصة تشرح الكيفية التي على الحاج إن يتبعها خلال أداءه مناسك الحج حتى لا يقع الحاج في المحظور الديني و يقصر في أداء هذا الركن ، فهناك دول تقوم بوقت كاف قبل الحج بتدريب حجاجها على أداء المناسك من خلال مجسمات مخصصه لهذا الغرض فتعقد لهم ندوات بالمساجد تلقنهم من خلالها طرق أداء الشعائر، والكيفية التي يتجنبوا من خلالها الأخطار التي قد يتعرضوا لها خلال موسم الحج ، من طرفنا نحن نحبذ أن يتم نقل تبعية إدارة شؤون الحج إلى الهيئة العامة للأوقاف لأنها قادرة من خلال المساجد تقديم النصح والإرشاد والتوعية قبل الشروع في أداء فريضة الحج من خلال دروس متخصصة، لأنها تملك الخبرات الدينية التي يمكن إن يسند إليها مهمة الأشراف الديني على الحجاج في الأراضي المقدسة،كما توفر لها عملية الأشراف على شؤون الحج المشاركة بفاعلية في المؤتمرات الدينية التي تعقد كل عام على هامش موسم الحج ، ويعطيها فرصة لعقد الاتفاقيات الثنائية للتطوير الرسالة الدينية مع نظيرتها في الدول الإسلامية من مختلف قارات العالم .
§ الشق الثاني:- الخدمات التي تقدمها السعودية لضيوف الرحمن
سجلنا أيضا في هذا الموضوع جملة من الملاحظات تتعلق بمستوى الخدمات التي تقدمها السعودية لحجاج بيت الله، وسوف نقسمها إلى ثلاثة ملاحظات،الملاحظة الأولى تخص الأماكن المقدسة،والثانية الرعاية الصحية والسكن، والثالثة المواصلات.
1- الأماكن المقدسة:- لابد أن نسجل هنا أن فن العمارة في المسجد النبوي بالمدينة المنورة يشكل تحفة معمارية غاية في الروعة والإبداع و الشئ الوحيد الذي شد انتباهنا هو قرب الفنادق والمحلات التجارية من المسجد النبوي،ويفضل أن تترك أرض فضاء تعمل كمنطقة خضراء حول المسجد بدلا من التوسع في بناء الفنادق والمحال التجارية بالقرب منه،وفيما يتعلق بمقبرة البقيع يفضل أن يكون الدخول من اتجاه والخروج من اتجاه أخر حتى لا يحدث أي تدافع. أما يخص الأماكن المقدسة في مكة المكرمة فإن الوضع يحتاج إلى وقفة سريعة وجادة لمعالجة بعض الأمور فعندما تصل بالقرب من الكعبة المشرفة تشد انتباهك الأبراج الشاهقة برج الساعة وأبراج مكة وأبراج الصفوة إلى آخره من المباني الحديثة التي صارت تسرق انتباه الزوار، واعتقد أن هذا المكان المقدس يفترض أن يبقى الأبرز ولا يجوز أن يتم استغلاله من قبل البعض تحت أي طائلة ويتحول مصدر لجمع الأموال،و التصدي لهذا الأمر مهمة دينية ومسؤولية جماعية تقع على عاتق الجميع ولابد إن تكون هناك وقفه حازمة ضد أي جهة أو فرد يسعى لاستغلال هذا المكان المقدس من اجل تحقيق مكاسب شخصية أو عائلية، ويجب أن يتوقف البناء في محيط الكعبة المشرفة وتزال الأبراج والساعات المذهبة من محيطها، وبدلا من ذلك يتم التوسع في بناء المرافق الخدمية والصحية التي تقدم الخدمات للحجيج، فهناك نقص كبير في المرافق الخدمية في محيط الحرم المكي.
2- الرعاية الصحية والإقامة:- أن الأعداد الكبيرة التي تتدفق على الأماكن المقدسة من جميع قارات العالم تحتاج إلى رعاية صحية وبيئية خاصة، فتصور ثلاثة ملايين في رقعة جغرافية محدودة، فلو كل واحد منهم تناول في اليوم علبة مشروب و قنينة ماء تجد لديك ستة ملايين علبة مرمية في الشارع ، فوضع صناديق القمامة العادية لا يؤدي الغرض وخاصة أن هناك صعوبة كبيرة في تفريغها بواسطة العربات المخصصة لذلك بسبب ازدحام الشوارع بالناس. الحقيقة إن ما شاهدناه وخاصة في (منى) أمر يبعث على الأسى والحزن فالناس تقيم بين أكداس القمامة ويسير الحجاج على بقايا الأطعمة والقمامة والروائح الكريهة تلوث الهواء، وهنا وجب أن تعمل الدولة المضيفة خطة علمية متكاملة لمنع تكدس القمامة حتى لا تتحول إلى أمراض و أوبئة، وفي ظل التطور العلمي يمكن أن يتم ربط صناديق القمامة الموجودة في الشوارع مباشرة بمصانع إعادة التدوير.
أما فيما يخص الإقامة فكل عام يبلغ عدد الزائرين للأراضي المقدسة بين معتمر وحاج حوالي ستة ملايين ولا يجوز أن ينام حجاج بيت الله في الشوارع أو في خيام غير ملائمة للتقلبات الجوية المختلفة، ووجب إنشاء مجمعات سكنية وقرى خاصة بالحجاج ،وتكون هذه التجمعات بأسعار مناسبة ودرجات مختلفة ويمكن أن تكون هذه الأماكن في أربعة اتجاهات من الحرمين الشريفين ويتم ربطها بشبكة مواصلات متقدمة ومنتظمة وسوف نأتي على ذلك في الفقرة التالية.
3- شبكة المواصلات: - هناك ضعف كبير في وسائل المواصلات التي تنقل الحجاج إلى ومن الأماكن المقدسة، فوسائل النقل المستخدمة في نقل الحجاج أغلبها غير ملائمة وقديمة وينبعث منها العادم الذي يسهم في تلوث البيئة، فالحجاج يعانون من تدني المواصلات فتجدهم ينتقلون بين المدينة ومكة بالحافلات العتيقة والسيارات الخاصة وتستغرق الرحلة أكثر من ثمانية ساعات وهو أمر غير مريح، ومن اجل توفير الراحة إلى زوار بيت الله يجب ربط مكة المكرمة والمدينة المنورة وجده بشبكة مواصلات حديثة عن طريق السكة الحديدية مزوده بعربات حديثة حتى نختصر الكثير من الوقت ونوفر خدمة افضل لحجاج بيت الله، كما يجب أن يتم العمل على وضع خطة متكاملة لإنشاء شبكة مواصلات تحت الأرض لتنقل الحجاج من سكنهم داخل الأماكن المقدسة،فلو تم إنشاء مجمعات سكنية خاصة بالحجاج في أطراف الأماكن المقدسة في مكة المكرمة والمدينة المنورة وربطها بشبكة مترو الأنفاق وترام تنقلهم من سكنهم إلى الحرمين وبذلك نتجاوز الازدحام المروري وصعوبة التنقلات، وهذا الأمر ممكن جدا وخاصة أن السعودية تملك الإمكانيات المادية الضرورية لبناء شبكة مواصلات حديثة ومريحة.
والله من وراء القصد
وختاما نقول كما قال الأمام الشافعي : رأينا صواب يحتمل الخطأ... ورأي غير خطأ يحتمل الصواب ... من جاءنا برأي أفضل من رأينا أخذنا به.
http://www.alwatan-libya.com/more.asp?ThisID=13911&ThisCat=22
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق