الثلاثاء، 3 أغسطس 2010

الجامعة العربية ... فاقد الشيء لا يعطيه




بقلم/ فرج إبراهيم عمرو


ما أكثر المشاكل التي تعصف بهذه الأمة والتي تحتاج إلى قمم و اجتماعات متواصلة ومتصلة بين العرب وجامعتهم فغزة منذ تدميرها في نهاية 2008 وحتى تاريخ كتابة هذه الأسطر تعاني الدمار و الحصار لاإنساني الذي حولها إلى أكبر سجن مفتوح في العالم، والمسجد الأقصى ومدينة القدس و كنائس المهد بها تتعرض إلى خطر التهويد والتغيير من أجل تزوير هويتها التاريخية ، و الشعب الفلسطيني المهجر يعاني الشتات و العراء و الجوع على حدود الدول العربية والذين لا تستقبلهم إلا البرازيل و النرويج و السويد وقبرص وبقية بلاد أهل" الكفر" وسوريا و لبنان تحت التهديد و الوعيد المستمر بالدمار و القتل و فتيل الفتنة الداخلية بين طوائف لبنان قد يشتعل في أي لحظة بمثقاب المحكمة الدولية، والأراضي السورية المحتلة أصبحت بعيدة المنال بالمفاوضات بعد قرار الحكومة الإسرائيلية الأخير الذي يشترط إجراء استفتاء عام من أجل تفاوض عليها ، والعراق قصة تراجيدية بدأت فصولها منذ أكثر من عشرين سنه، ولكنها تزداد تعثراً بسبب الأحتلال وتزمت بعض القوى السياسية في التسليم بنتائج الانتخابات مما زاد من مآسي هذا البلد ، والصومال تنحره الصراعات الداخلية و التدخلات الأجنبية ، والسودان بين شرعية كامبو و خطر التقسيم ، ناهيك عن القضايا الموروثة والمزمنة و التي لم نعد نسمع أنها مدرجة على بند جداول أعمال الأمة فالأراضي المغربية المحتلة، ولواء إسكندرونه، و الجزر الإماراتية، و الجزر السعودية، و المشاكل الحدودية بين الجزائر و المغرب وقضية الصحراء التي تاهت في صحراء الصراعات القطرية كلها سقطت من جداول إعمال القمم العربية . ورغم كل هذه القضايا المعقدة و الحساسة و التي تحتاج إلى اجتماعات طارئة وقرارات حاسمة . إلا أن جامعة العرب و من خلال وزراء الخارجية و اللجنة المتابعة العربية يجتمعون من أجل إعطاء الضوء الأخضر للمفاوضات المباشرة مع "إسرائيل" التي لم تقدم أي دليل على أنها جانحة للسلم و ترغب في إيجاد حل سلمي لصراعها مع العرب، بل على العكس تماما فهي كل يوم تعلن أنها سوف تمضي قُدماً في سياسات التهويد و الحصار و التدمير واجتثاث الفلسطينيين من أرضهم، وتلوح بالحرب على كل من سوريا و لبنان ، وتحارب مصر مائياً و تحتل شمال العراق استخباراتيا .

إن إصرار الجامعة العربية على إضفاء الشرعية على المفاوضات يفرض على أي متابع جملة من التساؤلات حول غايات الجامعة العربية في الإصرار على التفاوض ،ولماذا اهتمامها فقط بهذا الموضوع دون غيره ؟ ولماذا لا تجتمع من أجل باقي قضايا الساعة الموجودة في مختلف الدول العربية ؟ فالأزمة العراقية القائمة الآن بين القوى السياسية تحتاج إلى تدخل الجامعة العربية من أجل أنقاض ما يمكن أنقاضه ، والصراع في الصومال أيضاً بحاجة إلى تدخل عاجل من الجامعة العربية ، وما يحدث في القدس وغزة أهم من البدء في التفاوض مع " إسرائيل" فمن خلال هذا الأداء للجامعة العربية.
يمكننا القول أن الجامعة أصبحت خاضعة لإرادة تيار عربي معين يريد استغلال المظلة العربية لتنفيذ رؤيته، أو أنها تعاني من قصور كبير في تعاطيها مع الشؤون العربية وترتيبها على أجندة عملها.
نعتقد أن شرعنة المفاوضات عربياً هو قرار خاطئ، و لا يخدم المصالح الفلسطينية ، بل على العكس تماماً يجعل إسرائيل أكثر إصرار على الاستمرار في سياستها العدوانية اتجاه الشعب الفلسطيني بشكل خاص و القضايا العربية بشكل عام ، كما أن اللجنة المتابعة العربية لا تملك الصلاحية الكاملة لاتخاذ قرار بهذا المستوى وإن اتخاذ قرار الموافقة على التفاوض المباشر من قبل اللجنة المتابعة العربية يعطى مؤشراً على أن القضية الفلسطينية لم تعد في صلب اهتمام القادة و الزعماء العرب .

ختاماً إن الجامعة العربية التي مر على وجودها أكثر من 65 سنة دخلت بحكم القانون الوظيفي سن التقاعد الإجباري ، وبذلك لا تمتلك الشرعية التي تخول لها تبني مواقف لها انعكاسات وتداعيات خطيرة على الأمة ومصير القضية الفلسطينية ، فالجامعة محتاجة إلى تطوير ذاتها من أجل أن تمتلك الشرعية الضرورية لاتخاذ مثل هذه القرارات المصيرية.



هناك تعليقان (2):

نصر اسحاق يقول...

Very nice .. keep learning and sharing

محمد الروسان الاردن يقول...

أحسنت