بقلم / فرج إبراهيم عمرو
منذ بدايات هذا العقد ظهرت أصوات وكتابات في ليبيا تُقسم الناس في ليبيا إلى صفين أو مجموعتين فمجموعة تارة يطلقون عليها الحرس القديم، وتارة أخرى يطلقون عليها صقور اللجان الثورية ، والمجموعة الثانية تم وصفها بالإصلاحيين أحياناً أو قادة ليبيا الغد أحياناً أخرى ، وقلت لأحدهم ذات مرة ممازحاً أنت من ( LT ) وهو اختصار للكلمة الإنجليزية " Libya-Tomorrow " ، وذهبت بعض الأقلام ووسائل الإعلام تقول بأن هناك صراعا محتدم بين الطرفين، وإن المعركة حماية الوطيس بين التيارين ورايات الحرب معقودة بين خطين فكريين أفكارهم مختلفة،ومرجعيتهم الفكرية مختلفة واجندتهم السياسية مختلفة أيضاً و لا يجمع بينهم إلا المكان الجغرافي .
وسألني أحد أصدقائي من العرب له اهتمام بالشأن الليبي عن طبيعة هذا الصراع وقوته .
كانت إجابتي له حازمة وقاطعة أن ما تكتبه بعض الأقلام وتبثه بعض وسائل الإعلام ليس له جذور واقعية في ليبيا ، وقد يكون الوضع مماثل في بعض الأقطار العربية الأخرى وعلى أي حال أنا على يقين تام أن ليبيا لا يوجد بها أي صراع بين حرس قديم وحرس جديد أو بين إصلاحي وغير إصلاحي . إن الطبيعة الصراع إذا وجد هي بين أجيال جيل عاصر ثورة وكل تحولاتها وهو يتولى زمام القيادة في كل مؤسسات الدولة ولا يريد إن يترجل، وجيل يرى أنه وصل إلى مرحلة يحق لهُ فيها تولي زمام القيادة وإدارة شؤون البلاد ، وقد عبر أحد الطلبة في إحدى احتفالات السابع من إبريل امتعاض جيله من الجيل الذي يكبره عندما قال : لماذا أبي لم يتزوج أمي قبل السابع من أبريل حتى يكون لي نصيبا في المراكز القيادية، وهذه القصة كانت منقولة على الهواء مباشرة وتابعها الكل .
ولكي أبرهن إلى صديقي العربي صدق ما أقول بأنه لا يوجد صراع ذو خلفية إيديولوجية في ليبيا قلت له أن أغلب رواد مشروع ليبيا الغد والذين يتقلدون المراكز القيادية في المؤسسات التي تحسب على هذا المشروع هم من خريجي معسكرات البراعم و المثابات الثورية و أعضاء فاعلين في حركة اللجان الثورية والحرس الثوري ، وليس لهم أي خلفيات أو مرجعيات ثقافية أخرى ينطلقوا منها وإن وجد استثناء فهو لا يشكل قاعدة يقاس عليها ، وإن هؤلاء " قادة ليبيا الغد " التحقوا بمشروع ليبيا الغد بحثا عن دور قيادي ورفضا لاستفراد الجيل السابق في تولي زمام الأمور في مؤسسات الدولة، وإن المجتمع الليبي لا يحتمل إلا فكر واحد لأنه مجتمع مترابط اجتماعيا ودينياً و ديموغرفيا وجغرافياً ، وخلفيته السياسية بشكل عام هي خلفية واحدة فكل الخطوات أو الأهداف التي يسعى إليها رواد ليبيا الغد مثل النزاهة و الشفافية والتطوير الإداري و الرفع من مستوى معيشة الفرد ، ونبذ حل الخلافات الداخلية بالقوة ، هي مطالب عامة وذات صبغة إدارية وتنظيمية واجتماعية وليست توجهات سياسية جديدة ذات صبغة إيديولوجية أو فكريه محددة . كما إن أي انحرافات وممارسات خاطئة ارتكبت من قبل الأفراد الذين تولوا المراكز القيادية في السابق هي تصرفات فردية فرضتها في الغالب رؤية شخصية أو فرضتها المرحلة الزمنية، وبكل تأكيد هي ليست توجه عام مبوب لا يجب الخروج عنه، و هنا وجب التنويه أن الأصوات أو أقلام التي تحاول أن تقول أن ليبيا تشهد صراعاً بين تيارين ، إما هي أقلام جاهلة بليبيا وحقيقة ما يجري بها ، إما أنها أقلام مأجورة له أغراض وأهداف غير مرئية علينا أن نتيقظ لها جيداً، لأنها تسعى إلى زرع بوادر فتنة اجتماعية وسياسية قد تزعزع السلم الاجتماعي في البلد، فلا تيار إصلاحي ذو إيديولوجية مختلفة أو جديدة في ليبيا حتى الآن، ولا حرس قديم يحرسون أيديولوجيتهم المهددة بزوال،وإنما كما أسلفنا في مقدمة هذا المقال هو صراع بين جيلين جيل لا يريد أن يسلم مقود القيادة ،وجيل آخر يرى أنه حان الوقت لكي يتولى زمام القيادة .
ويبقى الموضوع مطروح للنقاش..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق