الخميس، 22 يناير 2009

الدور المستقبلي للأمم المتحدة في المنطقة ((على ضوء القرار رقم 1559))




ليس هناك أدنى شك أن العالم يعاني من فترة مخاض بعد أن فقد توازنه بسقوط الاتحاد السوفيتي والمنظومة الشرقية في العقد الأخير من القرن الماضي، فبعد انهيار هذه المنظومة سيطر الطرف الآخر الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية على مفاتيح و مقاليد السياسية الدولية في العالم وكما هو معلوم لدى الكثيرين خضوع هذا القطب لسيطرة اللوبي الصهيوني و الذي كما يعلم أو يعرف الكل أن له مشروع محدد في المنطقة العربية و المتمثل في قيام الدولة الصهيونية من النيل إلى الفرات و من اجل ذلك يقوم بتوظيف القوى الرئيسية على الساحة الدولية، ففي القرن الماضي مارس ضغوطا على بريطانيا حتى تحصل على وعد بلفور الذي يعتبر بمثابة (الفرمان) الذي استمد منه هذا اللوبي الشرعية لبناء دولة إسرائيل. وبعد أن بدء دور الولايات المتحدة يتعاظم على الساحة الدولية وخاصة بعد تخلصها من مبدأ ( مونرو ) توجه هذا اللوبي إلى الولايات المتحدة لكسب تأييدها على مختلف الأصعدة من دعم مالي من خلال المساعدات السنوية الثابتة و التي هي في ازدياد مستمر و مرورا إلي الدعم العسكري من خلال تزويده بالتقنية العسكرية التي مكنت "إسرائيل" من صنع أسلحة الدمار الشامل انتهاء بالدعم السياسي في كافة المحافل الدولية للسياسات الإسرائيلية و خاصة في أروقة الأمم المتحدة فرغم الانتهاكات الإسرائيلية الصريحة و الواضحة لقواعد القانون الدولي و حقوق الإنسان و إقرار كل أطراف المجتمع الدولي بذلك فأن الولايات المتحدة قامت في مرات عديدة تجاوزت الـ 20 مره باستخدام حق النقض "الفيتو"لتعطيل الإرادة الدولية التي أجمعت على أدانه السياسات الصهيونية في المنطقة، وهذا السلوك عادة تواتر العمل بها من قبل جميع الإدارات الأمريكية المتعاقبة على البيت الأبيض، وأصبح معروف لدى الجميع Already أن الولايات المتحدة سوف تستخدم حق النقض ضد أي مشروع قرار لا يصب في مصلحة "إسرائيل" وأضحتا إسرائيل و الولايات المتحدة وجهان لعملة واحده بالنسبة للمواطن العربي على الأقل.
و لكن التطور الجديد و الخطير هو أن يصبح المجتمع الدولي متمثلا في أعلى هيئة دوليه "الأمم المتحدة" أداة تعمل على تنفيذ الأهداف الصهيونية و السياسات الأمريكية بكل هذه الفضاضة و التجاوز للقواعد القانون الدولي و ميثاق الأمم المتحدة, فقبل عدة أيام صدر قرار مجلس الأمن رقم 1559 و الذي جاء فيه ضرورة حل المليشيات المسلحة المتواجدة على الساحة لبنانية وحسب المعلومات المتوفرة لدي انه لا توجد مليشيات أجنبية علي الساحة اللبنانية واعتقد إن تضمين كلمة المليشيات الأجنبية جاء كنوع من الحيلة السياسة. و المقصود في هذه الفقرة بكل تأكيد حزب الله ولا اعرف علي إي مادة أو فقرة استند مجلس الأمن عندما ضمن هذه الفقرة في متن القرار فحزب الله تشكل كرد فعل على الاحتلال الإسرائيلي للأراضي اللبنانية وهذا الأمر مكفول حسب كل المواثيق والشرائع الدولية وفي مقدمها ميثاق الأمم المتحدة، حيث نصت المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة على انه ليس في هذا الميثاق ما يضعف أو ينقص الحق الطبيعي للدول، فرادى أو جماعات في الدفاع عن أنفسهم إذا اعتدت قوة مسلحة على احد أعضاء الأمم المتحدة…)) وبناء على ما تقدم فان حزب الله يعمل وفقآ للشرعية الدولية وبذلك ساهم في تعزيز سيادة الحكومة اللبنانية على أراضيها وكذلك من خلال التتبع للمشهد اللبناني لا تلاحظ أي سلوك أو دور متفرد لحزب الله يحد من سلطات الحكومة اللبنانية المنتخبة، بل العكس تماما هناك تناغم في المواقف ومظاهر فخر واعتزاز بالدور الذي قام ويقوم به حزب الله في مواجهة الاحتلال من كل القوي الوطنية اللبنانية بكل أطيافها المتنوعة. بذلك شكل هذا الطلب تتدخل في الشؤون الداخلية للدولة اللبنانية والذي تحرمه المادة الثانية الفقرة السابعة من الميثاق. إما فيما يخص الفقرة الأخرى والتي تنص على ضرورة خروج القوات الأجنبية و التي فسرها اغلب المحللين على إن المقصود من هذه الفقرة القوات السورية رغم إن الوجود السوري في لبنان بموافقة الحكومات اللبنانية المتعاقبة والمنتخبة من قبل الشعب اللبناني، وخير دليل على ذلك انه لا توجد إي شكوى مقدمه لدى مجلس الأمن من جانب أي حكومة من الحكومات اللبنانية على التواجد السوري وان القرار جاء تلبيه لرغبة أمريكية فرنسية مشتركة و اعتقد أنهما استندا علي المادة الخامسة والثلاثون الفقرة واحد من ميثاق الأمم المتحدة والتي تنص على (( لكل عضو من أعضاء الأمم المتحدة إن ينبه مجلس الأمن أو الجمعية العامة إلي أي نزاع أو موقف من النوع المشار إليه في المادة 34 )). حيث خولت المادة 34المشار إليها مجلس الأمن في إن يتفحص أي نزاع أو موقف قد يؤدي إلي تعريض السلم والأمن الدوليين للخطر. واعتقد جازما إن التواجد السوري في لبنان لا يشكل أي خطر علي الأمن والسلم الدوليين بل على العكس تماما أدى وجود القوات السورية في لبنان إلي استتاب الأمن داخل لبنان الأمر الذي يجب تمنح علية سوريا رسالة شكر وتقدير على اقل تقدير من مجلس الأمن. على عكس التواجد الإسرائيلي في مزارع شبعا والذي كثيرا ما أدى إلي حدوث مناوشات مع المقاومة اللبنانية وبذلك ينطبق عليها ما ورد في المادتان 34 و35 ف 1 من ميثاق الأمم المتحدة ورغم ذلك لم يشر آلية إي احد عند تفسير الفقرة الثانية من القرار 1559 وكأن إن هذه القوات ليست قوات أجنبية محتله للأراضي اللبنانية وتوجد شكوى من قبل الدولة اللبنانية لدى مجلس الأمن بهذا الخصوص. بكل تأكيد ليست هذه المرة الأولى التي يصدر فيها مجلس قرارا مخالفا لقواعد عمله وميثاق الأمم المتحدة. ولكن هذا القرار يكتسب أهمية خاصة بسبب التوقيت الذي صدر فيه. فهذا القرار صدر في ظل اشتداد العدوان الإسرائيلي علي الشعب الفلسطيني وخاصة في شريط غزة فمظاهر الدمار الهائل الذي تخلفه ورائها آلة الحرب الإسرائيلية و المجازر البشرية في صفوف المدنيين الفلسطينيين الأمر الذي يشكل مخالفة صريحة لقواعد القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، وكان يستوجب علي مجلس الأمن إن يصدر قرار حازم ضد هذه الأعمال يدعو من خلاله إسرائيل لتوقف الفوري عن هذا التصرفات المنافية للقانون الدولي. وإذا لم تستجيب ستوجب في مثل هذه الحالة تطبيق الفصل السابع من الميثاق لان استمرار مثل هذه الأعمال يشكل تهديد للسلم والأمن الدوليين، كما انه يجوز تطبيق المادة السادسة من ميثاق الأمم المتحدة والتي تجيز لمجلس الأمن بأن يوصي للجمعية العامة بفصل أي عضو يمعن في انتهاك مبادئ الميثاق. وكذلك يأتي بعد الاحتلال الأمريكي للعراق واشتداد الحملة الأمريكية على المدن العراقية وفضائح ابوغريب ومجزرة النجف والفلوجة والسامراء، فهذا الاحتلال الذي شكل مخالفة صريحة لميثاق الأمم المتحدة ويعتبر حالة عدوان ينسحب عليها ما ورد في المادة 39 من الميثاق وكذلك ما وردفي المادة1 الفقرة 4. ورغم ذلك تتجاهل الأمم المتحدة هذه الأعمال والتي تشكل تهديدا مباشرا للأمن والسلم الدوليين وتقوم بالتركيز على قضايا لا تمثل إي مخالفة للقواعد القانون الدولي (كالقضايا التي تم تناولها في القرار 1559 ). الأمر الذي يجعلنا نطرح السؤال التالي: ما الدور الذي تتطلع إليه الأمم المتحدة في الشؤون الدولية بوجه عام وفي منطقة الشرق الأوسط بشكل خاص ؟ والإجابة على هذا السؤال تقودنا إلى طرح سؤال أخر هو: هل إمكانيات وقواعد عمل المنظمة الدولية قادر على مواكبة الإحداث المتسارعة على الساحة الدولية ؟ ( سوف نؤجل الإجابة على هذا السؤال لمرة قادمة لأهمية الموضوع وتشعبه ) ونعود إلي السؤال الأول من خلال التتبع المسيرة المنظمة الدولية خلال الخمس السنوات الماضية يتضح لنا إن دور المنظمة قل بكثير عن الفترات السابقة و تحديدا في مجال حفظ السلم والأمن الدوليين وللتدليل على ذلك لم تقم باتخاذ إي إجراء رادع ضد الاعتداء الأمريكي على كل من أفغانستان والعراق وكذلك العدوان الإسرائيلي علي سوريا ولبنان و وأيضا الاعتداءات الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني.
من خلال تحليل القرار الأخير رقم 1559. يتضح لنا إن الأمم المتحدة سوف تقوم بدور خطير في المنطقة وهو شرعنة سياسات بعض الدول وصبغها بالإرادة الدولية الأمر الذي سوف تكون عواقبه وخيمة في المنطقة. وعلية لابد من العمل في الليل والنهار للتصدي لهذا الدور ويقع الدور الأكبر في هذا الجانب على المؤسسات البحثية والنخب المثقفة والحكومات في المنطقة وبعثاتها الدبلوماسية لدى المنظمة الدولية.
فرج إبراهيم عمر
24thOct - 2004

ليست هناك تعليقات: