قامت اسرائيل قبل عدة ايام باغتيال مؤسس حركة حماس الشيخ المقعد وليس العاجز احمد ياسين وهو عائد من صلاة الفجر ومعه تسعه من المصلين. وتناقلت وسائل الأعلام الخبر كلا حسب رسالته الإعلامية فوسائل الأعلام الغربية وخاصة قناتي سى ان ان و الفوكس النيوز الاميركيتين قالتا على موقعاهما على شبكة المعلومات الدولية إن اسرائيل اغتالت مؤسس حركة حماس الإرهابية. فحين تناول الاعلام العربي الخبر بأنه عمل جبان إلى غير ذلك من النعوت التي ساقتها وسائل الأعلام العربية الرسمية وشبة الرسمية. على أي حال أنا هنا لست بصدد تناول تعاطي الأعلام العربي والأجنبي مع القضية الفلسطينية وإنما أريد إن أسلط الضوء على بعض الأشياء التي برزت بعد عملية الاغتيال وسوف ابدأ من الساحة الإسرائيلية حيث تبرز لنا هذه العملية إن قيادات المقاومة في متناول أجهزة امن العدو كما يتبين لنا إن العملاء استطاعوا إن يخترقوا أكثر ألاماكن الحساسة داخل مؤسسات المقاومة الفلسطينية. الأمر الذي يحتم على قياداتها إعادة النظر في كل الإجراءات الأمنية المتبعة وجعل تحركانهم محدودة وعدم الإعلان عن اجتماعاتهم وتنقلاتهم حتى للدوائر المحيطة بهم، فلا نريد خسارة اي شخص مقاوم في هذه الفترة الحرجة من تاريخ الأمة فما بالك إذا كان هذا الشخص قائد في مرتبة الشيخ الشهيد, وخاصة وان امتنا تعاني من أزمة حقيقة في القيادات الوطنية والمقاومة من أمثال ياسين والرنتيسي ونصرا لله إلي أخر المقاومين على عكس النوعية الأخرى التي لدينا فيها فائض وهي في حالة تزايد مستمر. إما الشي الذي يمكن إن يلاحظ علي الساحة الإسرائيلية هو إن الإسرائيلي محب للقتل والدم وإيذاء الآخرين ويمكن إن نستنبط ذلك من تصريحات زعماء إسرائيل وكذلك من الدراسة التي أجرائها معهد الاستطلاعات «هجال هحداش» لحساب صحيفة «معاريف» الإسرائيلية والتي جاء فيها زيادة شعبية شارون بعد عملية الاغتيال حيث بلغت 38% مسجلة بذلك زيادة قدرها 5% عن الشهر الماضي وهذا يقودنا إلى إن المشكلة مع العدو ليست مشكلة أشخاص كما يصور لنا بعض العرب وإنما المشكلة في العقلية والثقافة اليهودية التي جعلت من الدين قومية. إما المشهد علي الجهة المقابلة فيمكننا نقرا فيه العديد من الأشياء المهمة من خلال المسيرات العفوية والغاضبة يتأكد لنا إن حركة حماس أصبحت رقما ولاعبا يحسب له حسابه علي الساحة الفلسطينية فرغم إن عمرها الزمني قصير مقارنة مع بعض الحركات والفصائل الفلسطينية الأخرى فأنها استطاعت إن تصعد إلى مقدمة الفصائل الفلسطينية من حيث الشعبية داخل أطياف الشعب الفلسطيني المختلفة، ومرد هذا الأمر راجع إلي عدة أمور في اعتقادي هي حسن التنظيم، كفاءة قيادات الحركة، التصاق الحركة بمعاناة المواطن الفلسطيني اليومية، واهم شي هو النهج الذي تنتهجه حيث تطرح نفسها علي أنها أداة تعمل من اجل استرداد حقوق الشعب الفلسطيني من العدو وتنئ بنفسها عن صراع السياسي الفلسطيني الأمر الذي وفر لها الكثير من الوقت والجهد لمعركتها مع العدو. وأتمنى على هذه الحركة وزعمائها الجدد أن يستمروا على هذا نهج ويبتعدوا عن التصارع السياسي ويتركوا الكراسي للجالسين و العاجزين.إما هم فلهم البندقية وشرف المجاهدين. إما على الساحة العربية نلاحظ الآتي إن حركة حماس تحظي باحترام وشعبية كبيرة بين الجماهير العربية من المحيط للخليج وذلك من خلال ردود الأفعال الغاضبة التي عبرت عنها كل شرائح المجتمع العربي العلماني والليبرالي والإسلامي والقومي وذلك بسب حالة الغضب الداخلي التي يعشها الكل وذلك لان امتنا العربية والإسلامية طفح بها الكيل من هذا الظلم والذل الذي يمارس عليها من الداخل والخارج.كما اثبت لنا بما لا يدعو للشك إن النظام العربي الرسمي ميت وينتظر فقط في مراسم الدفن والتي أتمنى إن لا يطال انتظارها كثيرا. كما إن الحركات الإسلامية المقاومة من خلال ما فعلته في لبنان وتفعله في فلسطين والعراق سوف تكون لها اليد العليا في المنطقة والأمر في اعتقادي لن يتجاوز 10-15سنة القادمة. إما علي الصعيد الدولي فهناك إشارات متباينة وان كانت أغلب الدول إدانة العملية وبذلك سجلت رفضها لسياسات شارون الا ان الراعي الأول للعملية أكد منذ اللحظة الأولى تفهمه لموقف إسرائيل من اجل حماية أمنها. الأمر الذي جعل وزير خارجية سوريا يطالب بوضوح أكثر في الموقف الأمريكي والذي لم يتأخر كثيرا فهم لا يعرفون حجب مشاعرهم ويخشون المجاهرة بها بل لا ينسون حتى الماضي كما قال توني بلير في زيارته الأخيرة لليبيا ( لن ننسى ماضي ليبيا رغم كل شي ) ففي الجلسة الخاصة التي عقدها المجلس للمناقشة عملية الاغتيال استخدم (الصديق الحميم) للعرب حق النقض ليؤكد لأصدقائه العرب المتزايدون والمتسابقون في الدخول إلي بيت الطاعة مدى التقدير والاحترام الذي يكنه لهم. وكما امتنعت الصديقة التاريخية بريطانيا عن التصويت ولم تراعي ابسط قواعد المجاملة ولم تسعفها ذكرتها التي لا تنسى أي شي، إن العرب هم الذين ساعدوها في انتصارها خلال الحرب العالمية الأولي كما أنهم غضوا الطرف عن وعد بلفور والقتل والتشريد الذي فعلته خلال فترة الاستعمار. بل أرادت أن ترسل رسالة مغايرة إلي إسرائيل مفادها علي الوعد سائرون
فرج إبراهيم عمر
25 -مارس- 2004
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق